القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب الآجرومية
99860 مشاهدة
العلامة الأولى: الكسرة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمنا الله تعالى وإياه- وللخفض ثلاث علامات: الكسرة، والياء، والفتحة.
أما الكسرة فتكون علامة للخفض في ثلاثة مواضع: في الاسم المفرد المنصرف، وجمع التكسير المنصرف، وفي جمع المؤنث السالم.
وأما الياء فتكون علامة للخفض في ثلاثة مواضع: في الأسماء الخمسة، وفي التثنية، والجمع.
وأما الفتحة فتكون علامة للخفض في الاسم الذي لا ينصرف.
وللجزم علامتان: السكون والحذف.
فأما السكون: فيكون علامة للجزم في الفعل المضارع الصحيح الآخر.
وأما الحذف فيكون علامة للجزم في الفعل المضارع المعتل الآخر، وفي الأفعال التي رفعها بثبات النون.


يستعمل الصنهاجي - رحمه الله - الخفض بدل الجر، وأكثر النحويين يستعملون لفظ الجر وهما بمعنى، فالخفض والجر هو الذي تكون له حركة الكسرة، فذكر أن للخفض ثلاث علامات، أي للجر ثلاث علامات: الكسرة، والياء، والفتحة. بدأ بالكسرة لأنها الأصل، وثنى بالياء لأنها تنشأ عن الكسرة إذا أُشْبِعَت، وثَلَّثَ بالفتحة لأنها أخت الكسرة في المد واللين.
الكسرة هي حركة الفعل التي هي فيها انكسار، وتُعطَى نصف الحرف، فإن الحركات تُعطَى نصف حرف فحركة الضم تعطى نصف حرف الواو، وحركة الفتح لها نصف حرف الألف، وحركة الكسر لها نصف حرف الياء.
الكسرة تكون في ثلاثة مواضع: في الاسم المفرد المنصرف. وقد تقدم أن الاسم المفرد هو: ما ليس مثنى، ولا مجموعا، ولا ملحقا بهما، ولا من الأسماء الخمسة. كأنهم عرَّفُوه بالنفي، ليس بمثنى مثل رجلين، أو رجلان، ولا مجموعا مثل زيدون أو رجال، ولا ملحقا بهما مثل اثنين أو عالمين ولا من الأسماء الخمسة، فيكون الاسم المفرد هو الاسم الفرد، نحو: رجل، فتقول: جلست عند رجل، أو دخلت في المسجد: مجرور بالكسرة، قرأت في الكتاب: مجرور بالكسرة، الكسرة الظاهرة سواء كان معها تنوين: عند رجل، أو بدون تنوين نحو: في المسجد. فالكسرة هي حركة الكسر التي في آخره. وتختص بالاسم المنصرف، أما الاسم الذي لا ينصرف فلا تظهر فيه الكسرة كما سيأتي.
كذلك في جمع التكسير المنصرف، هو الذي ليس فيه ما يمنعه من الكسر، ما يمنعه من الانصراف. فمثلا: إذا قلت: عند هؤلاء الرجالِ، قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ مكسورة، وقوله: بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ الآصال جمع تكسير، أي مجرور بالكسرة. بالغدو: اسم مفرد، والآصال: جمع تكسير، وكلاهما مجرور بالكسرة، فإذا لم يكن منصرفا فإنه لا يكسر- ولو كان جمع تكسير- مثل مصابيح، فإنه جمع تكسير، جمع مصباح. ولا ينصرف.
الثالث: جمع المؤنث السالم: تظهر عليه الكسرة، فقوله تعالى: مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ هذا كله جمع مؤنث سالم مجرور بالكسرة، وإذا لم يكن منونا فإنك تقول: عند المؤمناتِ وعند الهنداتِ وعند الزينباتِ وما أشبه ذلك، وتقول: مجرور بالكسرة في آخره، الكسرة على التاء، هذه التي تظهر عليها الكسرة. الاسم المفرد، نحو: بالغدو، وجمع التكسير: بالآصال، وجمع المؤنث السالم: بالمؤمنات.